languageFrançais

سفيرة الأغنية التونسية تختتم مهرجان الحمامات برسائل من القلب

أسدل الستار على الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي، ليلة الأربعاء، على أنغام صوت نبيهة كراولي، في سهرة ختامية لم تكن عرضا موسيقيا فحسب، بل كانت احتفالا بالأغنية التونسية وتحية للمرأة بمناسبة عيدها الوطني.

تحية إلى المرأة.. من تونس إلى فلسطين

منذ اللحظات الأولى، عبّرت نبيهة كراولي عن سعادتها بتزامن الحفل الختامي مع عيد المرأة التونسية، موجّهة تحية لكلّ امرأة في كلّ مكان. وخصّت المرأة الفلسطينية بالذكر، مشيدة بصمودها وتضحياتها، وأهدتها أغنية "أصبح عندي الآن بندقية" لكوكب الشرق أم كلثوم.

رحلة غنائية بلا توقف

على امتداد ساعتين ونصف، أخذت نبيهة كراولي جمهورها في جولة عبر مسيرتها الفنية، متنقلة بين أغانيها التي رسخت في الذاكرة مثل "كان قلبي يطاوعني" و"إذا حبوك ارتاح" و"شفتك مرة" و"هزّ عيونك" و"هاي طلت" و"قالولي جاي" وغيرها.

ولم تخلُ الأمسية من لحظات إنسانية مؤثرة، إذ أدت أغنية "يمه" بإحساس عميق إهداءً لروح والدتها التي رحلت هذا العام، مؤكّدة على أنّ "فقدانها ترك فراغاً لا يملؤه شيء".

دمعة وابتسامة

في لحظة مرحة، أطلقَت نبيهة كراولي حسها الفكاهي بأداء أغنية "واش" بأسلوب ساخر أضحك الحاضرين، وفي لحظات أخرى لامست أوتار القلوب بأغانٍ حزينة ووجدانية، سواء عن الأمّ أو المرأة الفلسطينية، أو الرسائل التي تحدثت عنها. 

وقدّمت لأوّل مرة على المسرح أغنية "خليني"، وأهدت الجمهور أغنية "يا جاري"، مؤكّدة حرصها الدائم على تلبية رغبات جمهورها.

"مبروكة" من أغنية إلى قصة

واحدة من أقوى رسائل الحفل جاءت من خلال أغنية "مبروكة"، التي خصّصتها كراولي كصرخة فنية ضد العنف المسلط على المرأة. روت حكاية مبروكة، المرأة التي تعرضت للعنف ورفضت الاستسلام قائلة "ما عينيش"، لتتحول الأغنية إلى رمز للصمود.

هذا العمل جاء في إطار حملة بالشراكة مع المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة ووزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، ودعت الفنانة الحاضرين إلى تبني رسالتها والتبليغ عبر الرقم 1899. حتى كلمات الأغنية تغيّرت من "تتبرى" إلى "تتجلى" في صيغة جديدة، ترددت مع الجمهور الذي تفاعل معها بقوة.

الفلسفة الفنية

تحدّثت الفنانة نبيهة كراولي في الندوة الصحفية المخصّصة للعرض عن رؤيتها الفنية، معتبرة أنّ ما حقّقته في هذه السهرة هو ثمرة سنوات من الجهد والالتزام، وأنّ التميّز لا يتحقّق إلاّ بالتضحيات والمتابعة المستمرة لما يجري في العالم، دون التخلّي عن الخصوصية الفنية. وأوضحت أنّها تسعى دوما إلى أن يشعر كلّ مستمع وكأنّها تغني له شخصيا، وأنّ الفن بالنسبة لها رسالة إنسانية قبل أن يكون وسيلة للترفيه.

أكّدت أيضا على أنّ المرأة هي عماد المجتمع، وأنّ حمايتها تعني حماية الأسرة والوطن بأسره، مستشهدة بالمقولة الشهيرة للشاعر حافظ إبراهيم: "الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق". وشددت على أن الثبات على المبدأ كلفها الكثير، لكنه منحها الاحترام والوفاء لدى جمهورها.

حميمية مسرح الحمامات

اعتبرت نبيهة كراولي أن مسرح الحمامات يتميز بروح لا توجد في فضاءات أخرى، وأن هذه الحميمية تجعل التواصل مع الجمهور أكثر عمقا وصدقا. وأكّدت على أنّ احترامها لجمهورها ينبع من احترامها لنفسها، وأنّها تحرص على الوفاء لمبادئها مهما تغيّرت التيارات، ملتزمة دائما بما هو إنساني وكوني من خلال هويتها التونسية.

وأضافت أنّ لقب "سفيرة الأغنية التونسية" يمثّل لها شرفا ومسؤولية تسعى إلى أن تكون جديرة به، وأنها تحاول دائماً أن تنقل من خلال فنها صورة المرأة في مختلف حالاتها وتجلياتها.

مع إسدال الستار، بدا واضحاً أن الجمهور خرج من السهرة ممتلئ القلب، لا بالألحان فقط، بل برسائل المبدأ والإنسانية التي حملتها نبيهة كراولي. كان الختام على صوتها وصدقها تتويجا يليق بمهرجان الحمامات، ودورة طبعها الوفاء للأغنية التونسية، وللمرأة، وللموقف الثابت.

ليندا بلحاج